التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الأول
3- إثبات صفة العلم
[وقوله: رسم> وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ قرآن>
رسم> [النور: 59]. آية> رسم>
وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ قرآن>
رسم> [الأنعام: 18]. آية> رسم>
يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا قرآن>
رسم> [الحديد: 4]. آية> رسم>
وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ قرآن>
رسم> [الأنعام: 59]. آية>
وقوله: رسم> وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ قرآن>
رسم> [فاطر: 11]. آية> وقوله: رسم>
لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا قرآن>
رسم> [الطلاق: 12]. آية>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
هذه الآيات دالة على صفة العلم، وهو إدراك جميع المعلومات، وقد دلت عليها آيات أخرى كثيرة، كقوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وكذلك قوله: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
*الآية الأولى: وهي قوله: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
* الآية الثانية: وهي قوله سبحانه: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
الحكيم: هو المتقن للأشياء، الذي يضع الأمور في مواضعها، أو هو الحاكم في أقواله وأفعاله، وفي حكمه الكوني القدري، وفي حكمه الشرعي الديني.
والخبير، أي: ذو الخبرة، وهي العلم التام الكامل بالأشياء، ظاهرها وباطنها مع الإحاطة بذلك، فالخبير أخص من العليم، وهو دال على صفة العلم الكامل لله سبحانه وتعالى.
* الآية الثالثة: قوله سبحانه: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ففيها إثبات صفة العلم التام الكامل من جميع الوجوه لله رأس> -سبحانه وتعالى- فقد أخبر -سبحانه- أن من تمام علمه أنه يعلم كل ما يدخل في الأرض من أموات، ومن بذور ومعادن ونحوها، ويعلم كل ما يخرج من الأرض من نباتات وأشجار وأزهار ونحو ذلك، وكل ما ينزل من السماء من مطر وملائكة ونحوها، وكل ما يعرج ويصعد إلى السماء من الملائكة والأعمال وأرواح العباد ونحوها، فهذا يدل على كمال علمه سبحانه وشموله وإحاطته بجميع المعلومات.
*الآية الرابعة: وهي قوله سبحانه: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
قوله سبحانه: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![أخرجه البخاري برقم (4778) في التفسير [سورة لقمان] ، باب: إن الله عنده علم الساعة وأخرجه البخاري أيضا برقم (1039) في الاستسقاء بنحوه.](/site/books.png)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
* الآية الخامسة: وهي قوله سبحانه: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
* الآية السادسة: وهي قوله سبحانه: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فهذه الآيات فيها إثبات صفة العلم الكامل التام لله -سبحانه وتعالى- على ما يليق بجلاله وعظمته، وقد وردت آيات أخرى كثيرة تدل على هذه الصفة العظيمة، وقد جمعها واستقصاها كثير من العلماء، ومن جملتهم: الإمام الدارمي اسم> صاحب كتاب الرد على الجهمية، فإنه كان في هذا الكتاب إذا ذكر صفة استوفى كل ما يتعلق بها من الآيات والأحاديث حسب وسعه؛ وذلك لأن الجهمية كانوا ينكرون صفة العلم لله تعالى، فرد عليهم وأثبتها وأتى بأدلة صريحة من الكتاب والسنة عليها، وكذلك المعتزلة الذين هم ورثة الجهمية كانوا ينكرون صفة العلم، بل ينكرون كل الصفات، فيثبتون الأسماء وينكرون دلالتها على الصفات، ويزعمون أنها مترادفة، يعني: لا تدل على معان أصلا، فعندهم لا فرق بين الرحيم والقهار، ولا فرق بين العزيز والغفور.
قالوا: إنما هي مجرد أعلام فحسب، كما لو سمي إنسان باسم واحد أو بخمسة أسماء، فلا تدل على صفات، ومعلوم أن الإنسان قد يسمى بأسماء حسنة من باب التفاؤل، ولكن لا يلزم من ذلك أن تكون منطبقة عليه بما تدل عليه، فليس كل من سمي صالحا يكون من أهل الصلاح، وليس كل من سمي سعيدا يكون من أهل السعادة، وليس كل من سمي زاهدا يكون من أهل الزهد، أو سالما يكون من أهل السلامة، لكن ذلك يقع من باب التفاؤل.
فهؤلاء المبتدعة يقولون: إن أسماء الله تعالى كذلك، فلا تدل على الصفات، ويصرحون بالنفي، فيقولون: عليم بلا علم، رحيم بلا رحمة، عزيز بلا عزة، سميع بلا سمع، بصير بلا بصر وهكذا، يعني: إنما هي أسماء مجردة.
وليس الأمر كذلك؛ لأنه لو كان كذلك ما ختمت الآيات بالأسماء التي تناسبها، فإن الرب تعالى يختم كثيرا من الآيات ببعض أسمائه بما يلائم ما دلت عليه، فآية تقسيم الصدقات، وهي قوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فالعلم صفة من صفات الله، وهو عام يدخل فيه ما كان وما يكون في أمور الماضي، والحاضر والمستقبل، فهو سبحانه يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، ولذلك فإن من عقيدة أهل السنة أنهم يقولون: إن كلام الله من علمه، وعلمه صفة من صفاته، ولهذا فإنه ليس بمخلوق كما زعمت المعتزلة ونحوهم، بل إن كلامه -جل وعلا- من علمه الذي هو صفة من صفاته.
ومعلوم أن نفي العلم يستلزم إثبات ضده، وضده الجهل، وهما متلازمان، فإذا أثبتنا أحدهما نفينا الآخر.
فإذا قيل: إن الله ليس بعالم، كان المخلوق الذي يعلم ولو قليلا من العلم أكمل منه -جل وعلا- فإن صفة العلم صفة كمال، ونفيها صفة نقص، فدلالة هذه الآيات واضحة؛ حيث إن منها ما ورد بالاسم كقوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فورودها بهذه العبارات يدل على أنها مقصودة المعنى، وأن العلم ضد الجهل، وأنه يدخل فيه العلم بالحوادث والأشياء الماضية والحاضرة والمستقبلة.
فعرفنا أن أهل السنة يثبتون صفة العلم بالعقل والنقل، وعرفنا أن الذين أنكروها كالمعتزلة وتكلفوا في تأويل وتحريف الأدلة على ما يريدون هم منحرفون عن الصراط المستقيم، حتى إنهم يصرون على ذلك، ولكنهم في بعض الأحيان يثبتون العلم، وذلك كما في قوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
كذلك الأشاعرة والماتريدية: أثبتوا صفة العلم وبعض الصفات، ولكنهم أنكروا كثيرا من الصفات الفعلية، فوقعوا في المتناقضات، ثم من عقيدة أهل السنة: أن علم الله قديم، وأنه يعلم ما يتجدد وما يحدث في وقته قبل أن يحدث.
وخالفهم في ذلك القدرية، فقالوا: إنه سبحانه لا يعلم عن الأشياء إلا بعد وقوعها، يعني: بعدما تحدث، وفي أمثالهم نزل قوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
يعني: أنهم ظنوا أن الله لا يعلم أعمالهم إذا استخفوا بها وعملوها سرا، وقد نزلت هذه الآية في أناس من المشركين، ولكنها تنطبق على هؤلاء الذين يقولون: إن الله لا يعلم ما سيحدث في المستقبل، أو أنه يعلم الكليات ولا يعلم الجزئيات، أو أنه لا يعلم بأعمال العباد حتى يحدثوها، يعني: أنه لا يعلم أعمالك حتى تعملها من خير أو شر؛ تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.
بل الله تعالى يعلم الجزئيات، كما يعلم الكليات؛ لأنه سبحانه عليم بكل شيء، بل يعلم ما توسوس به النفوس كما قال سبحانه: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فكل ذلك دليل على إثبات هذه الصفة وهي صفة العلم، وأنها كسائر صفات الكمال، فيجب إثباتها لله على ما يليق بجلاله وعظمته، وإذا أثبتناها قلنا: علم الله كسائر صفاته الحسنى، نؤمن بها، ولا نكيفها، ولا نمثلها، فلا نقول مثلا: إن علمه -سبحانه- كعلم المخلوق الذي هو إدراك المحسوسات فقط، أو نحو ذلك لا، إنما هو علم خاص بالله تعالى على ما يليق بجلاله وعظمته، ولا يشبهه في ذلك أحد من خلقه، فعلمه -سبحانه- علم كامل تام شامل، لا يلحقه نقص أو قصور بوجه من الوجوه، فيجب علينا أن لا نعمل إلا ما يرضيه سبحانه، وأن نجتنب الأعمال والأقوال التي تسخطه سبحانه وتعالى؛ لأنه مطلع علينا، لا تخفى عليه خافية من أمرنا سبحانه وتعالى.
مسألة>